ارشيف من :آراء وتحليلات
ريفلين رئيساً للصهاينة... انكسار لنتنياهو
انتصار "عدو عائلة نتنياهو" برئاسة الكيان الصهيوني، رؤوفين ريفلين، يعد بحسب التقارير العبرية "كابوسا أكبر" لرئيس الحكومة في تل أبيب. الرئيس العاشر لهذا الكيان، استطاع أن يتجاوز كل العقبات التي وضعها نتنياهو أمامه، وانتصاره في الانتخابات قد تكون له تداعيات سلبية على مستقبل التركيبة الحاكمة، سواء في حزب الليكود نفسه، أو في رئاسة الحكومة المقبلة، أو حتى على قراراتها.
ورغم أن رئاسة الكيان الصهيوني ليست منصبا فاعلا ومؤثرا في اللعبة السياسية الداخلية، إلا انه يمسك بقبضته صلاحية تكليف من يراه مناسبا، لتشكيل الحكومة في أعقاب الانتخابات التشريعية للكنيست، أو في حال استقالة الحكومة. وهذه الصلاحية هي التي عمل على تلافيها نتنياهو أخيرا، مع تقديره بفوز ريفلين بالرئاسة وعدائه السياسي له، خاصة انه لمس أن الأخير الأوفر حظا لتولي المنصب الفخري، والذي لن يوفر جهدا في المستقبل للإضرار به.
في الأشهر الأخيرة، عمل نتنياهو على إلغاء المنصب "إذ لا حاجة لإسرائيل به"، فهو مكلف ولا يدوّر الزوايا وفخري وغير فاعل، وهذا ما شدد عليه كتاب نتنياهو في الإعلام العبري، وخاصة في صحيفة "إسرائيل اليوم"، التي تعد بحسب التعبيرات العبرية "جارية نتنياهو الإعلامية". مع ذلك، وجد نتنياهو الكثير من العقبات أمام طرحه التغييري، ليس من خصومه في الأحزاب الأخرى وحسب، بل أيضا داخل الحزب الذي يترأسه، الليكود.
اتضح المشهد الذي يخشى منه نتنياهو، وهو مشهد تهديد لمكانته في حزبه، ولاحقا لرئاسة الحكومة، على فرض أن الانتخابات المقبلة ستفضي إلى نتائج شبيهة بالنتائج الحالية، أي فوز الليكود بأكبر عدد من المقاعد في الكنيست المقبل. الخشية لدى نتنياهو تتمثل في أن عدوه، ريفلين، سيقرر بعيد الانتخابات المقبلة، من سيشكل الحكومة، من دون آلية محددة تلزم ريفلين بتسمية رئيس اكبر كتلة في الكنيست، بل فقط، من يراه مناسبا. أي يمكن للرئيس الصهيوني الجديد أن يكلف شخصية غير رئيس الكتلة الأكبر من نفس الكتلة، أو رئيس كتلة تحوز أعدادا اقل أو أكثر.
ماذا بعد انتخاب ريفلين؟
في نفس الوقت، الصداقة التي تجمع ريفلين بوزير الداخلية، جدعون ساعر، الرجل الأكثر حضورا ومكانة في حزب الليكود، مصدر قلق إضافي لنتنياهو. ساعر هو مهندس فوز ريفلين، وحاليا هو الرجل القوي في الليكود، وكان هو وراء إحباط كل محاولات نتنياهو الأخيرة، ومن بينها محاولة إلغاء مؤسسة الرئاسة.
لكن كيف سيتأثر المشهد السياسي الداخلي في أعقاب انتخاب عدو نتنياهو السياسي؟ الواقع أن لا احد في إسرائيل يترقب نتائج سلبية فورية حيال نتنياهو، لكن بحسب يديعوت احرونوت، فان الاحتمالات كلها واردة، وإذا كان من غير الأكيد أن ساعر وريفلين سيعملان معا على ضرب نتنياهو فورا، "إلا أنه في محيط رئيس الحكومة هناك من يأخذ هذا الخيار على محمل الجد".
بنيامين نتنياهو ورؤوفين ريفلين
أوساط ليكودية ترى ان نتائج الانتخابات وانكسار نتنياهو ستنعكس أيضا على نشطاء الحزب، وبالتالي على الانتخابات المقبلة لرئاسته، مع ترجيح أن يكون ساعر الشخصية المنافسة لنتنياهو، فيما لا يتردد عدد من الخبراء بالقول، إن رئاسة الحزب قد تفضي إليه.
لكن هل يعني ذلك أن الوضع الداخلي سيكون ضاغطا إلى حد إشغال نتنياهو عن الملفات الأكثر تهديدا له ولكيانه؟ قد تكون "لا" هي الإجابة، لكنها ليست لا كبيرة جدا، إذ انه معني من الآن وصاعدا بدراسة أي خطوة يقدم عليها، سواء داخلية أو خارجية، بمدى تأثيرها على وضعه ومكانته الداخلية، واستباقا للمنافسة الشرسة التي يترقبها في المستقبل، ليس ضد ساعر وريفلين وحسب، بل أيضا ضد وزير حربه، موشيه يعلون، الرجل القوي الآخر في الليكود، والذي سينافس أيضا على رئاسة الحزب وبالتالي على رئاسة الحكومة المقبلة. من هنا فان الترجيح ألا يقدم نتنياهو على أي من القرارات التي تفاجئ ولا ترضي جمهوره، سواء تجاه الساحة الفلسطينية سياسيا، أو تجاه الساحات الأخرى، سياسيا وامنيا.
توقعات بمواصلة الاستيطان |
لكن في ساحات أخرى، كما هي الحال مع الساحة اللبنانية والسورية، فالمسألة ستكون مغايرة، لان الأثمان المرتقب دفعها لمغامرات قد يقدم عليها، ستكون حاضرة بقوة أمام طاولة القرارات في تل أبيب، وتردعها عن اتخاذ القرارات. وبالتالي يصعب على نتنياهو أن يتخذ قرارا اعتدائيا ما تجاه الساحتين، خاصة قرارات اعتدائية ابتدائية، ما لم يكن متيقنا أن لا ردّ فعل تجاهها، وإلا سيضع نفسه موضع الضعيف أمام جمهوره.
في المحصلة، انتخابات الرئاسة في الكيان الصهيوني إشارة ضعف لنتنياهو في الداخل، لكنها لن تؤدي إلى تفكيك الائتلاف الحكومي في هذه المرحلة، لكن في نفس الوقت، هي إشارة إلى أن الآتي، وتحديدا في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، داخل حزب الليكود أو في التنافس على رئاسة الحكومة بعد انتخابات الكنيست، لم تعد سهلة أمام نتنياهو كما كانت عليه سابقا، فعدد المرشحين الأقوياء في تزايد، والانتقادات الداخلية المرتقبة، وأيضا عرقلة القرارات، الداخلية والخارجية، لأي خطوة قد يقدم عليها نتنياهو، هي التي ستسود هذه المرحلة، مع الكثير الكثير من التطرف والتعنت والعرقلة، تجاه الساحة الفلسطينية تحديدا، الساحة التي يراها نتنياهو الأكثر ضعفا في قوس الساحات المليئة بالتهديدات.