ارشيف من :آراء وتحليلات
فوزي أيوب.. ما رأينا إلا جميلاً!
في عين قانا، تجمّعوا، 5 أطفال (من بينهم يتامى) حول الضريح.. تركوا دراجاتهم وجلسوا قربه.. يحدثونه، يبكون، يرتمون قرب الضريح، يعانقونه.. وكأنما تلك الأجساد النحيلة اشتاقت لدفء حضنه.. نصل، يمسحون دموعهم ويغادرون إلى الصلاة، فهذه كانت أولى وصايا الشهيد القائد في "حزب الله" فوزي أيوب.
لطالما كنت أخاف الاقتراب من القبور.. مرعبٌ أن تكون محاطاً بهذا القدر من الموت.. إلا أن جبشيت كسرت عقدتي، فحين وقفت عند ضريح الشيخ راغب حرب، للمرة الأولى، شعرت بقوة الحياة.. غريبٌ كيف يضخّ الشهداء فيك هذا القدر من الحياة والحب!
في الطريق إلى عين قانا، ذهول يعتريني، كما في كل مرة أزور الجنوب، لا يكسره سوى حين يروي رفيق الطريق قصصاً عن المقاومة فيكون لي دليلاً إلى دماء الشهداء وانكسار الإسرائيلي وانتصارات نحتاج إلى سنوات لنسرد بعضاً منها.
في عين قانا، امتلأت الساحات والشرفات والطرقات بصوره وبلافتات التبريك بشهادته. في عين قانا، مئات لا بل آلاف القصص عنه.
وعند الضريح، الذي لا يفرغ من الزائرين المصلّين، عند الضريح، الذي تحوّل محجّاً لشبابه ولكل من كان الحاج شرارة أمل في ظلم دنياه، كنت سأكتب له، للذي لا يرد طلباً لأحد، رسالة أضعها قرب الضريح أطلب فيها أن ألتقي الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله، فلطالما تمنيت أن تتحقق أمنيتي قبل أن أموت. لم أكتب الرسالة!
الشهيد فوزي أيوب
عند تلك التلّة، يدهم الضباب قمراً انتصف ليضيء للشباب المصلّين عند الضريح والقارئين للأدعية. وقفت خالية خاوية من الأفكار والمشاعر.. نسمة تصفع قلبي تحلّق روحي وتخترقني سكينة استثنائية. يقضّ هذا الهدوء سؤال "بتعرفي للحاج؟". أجيب بحزم "لأ"، فالرجال كالحاج فوزي تعرّف عنهم أعمالهم وانتصارات المقاومة.. فالرجال كالحاج فوزي تعرفهم بروحك، بكرامتك ووجودك.
إلى منزله، حيث عُلّقت راية السيدة زينب الدمشقية، فهو جندي الله الصامت المجاهد المصلّي الذي تنقّل بين عواصم العالم "غازياً في سبيل الله"، كما قال في وصيّته. الرجل، الذي "هجر الأهل والمال والولد لنصرة الدين بهدف الغلظ على الكافرين"، حملت عائلته وجعها وفخرها. فأم عباس، صبرت على غيابه في الأسر، أما اليوم، فالغياب صعب، بهدوء استثنائي تتحدث عن عنه وتطلب من الله أن يمنحها صبر العقيلة.
"سرح الحاج فوزي في ميادين السابقين وأسرع إلى الله من البارزين"، غادر الدنيا التي أتعبته ووجع شبابه الذين استشهد عددٌ منهم فيما أصيب آخرون إصابات بالغة. فهو في أيامه الأخيرة، كان يبكي ليلاً على من "يحبهم أكثر من أولاده"، تقول الحاجة أم عباس، الذي خصّها زوجها في وصيته بالقول "إن قدّر لي أن أدخل الجنة فلن أدخل من دونك، سأنتظر على باب الجنة أيتها الراضية المرضية".
أيوب الصابر في الأسر.. أيوب الذي حمل وجع إصابته في كمين إسرائيلي في جبل الرفيع.. أيوب القائد والمنارة لشباب المنطقة.. كان يجمع الحطب لأهالي المنطقة.. يبيع ملابس ترسل إليه من الخارج ليساعد أهالي الضيعة.. يجمع سجّاد منزله ويقدّمه لعائلة محتاجة.. يهبّ لمساعدة أي كان. أما في الميدان فالإسرائيلي والأميركي يعرفان جيداً قيمة هذا القائد الذي كان يتقدّم الهجوم "فيكون أمامه الانتصار وليس خلفه".
"لو علم الملوك بسعادتنا لقاتلونا عليها"، يقول في وصيّته، هو من كان يمضي الليل في الصلاة وهو من كان يشعّ إيماناً فيفيض نوراً على من حوله. وإن أضاعه الشباب، حتى في المعركة، لوجدوه تحت شجرة أو بناية مدمّرة خاشعاً يصلّي.
"يا خيي هولي ما بيتّمنوش علموك كيف تتقرب إلى الله تعالى"، يقول في الوصية أيضاً عن القادة الذين أرشدوه إلى درب المقاومة، فيما هو تحوّل إلى واحدٍ منهم.
في منزل أحد تلامذة القائد أيوب، يكون هو محور الحديث، يتحدثون عنه من دون توقف، يسردون بطولاته بشغف وحماسة؛ ثم تقول امرأة "ما حدا متلو". أجيبها: "هو رجلٌ استثنائي وهذا أمرٌ مفروغٌ منه إلا أن في المقاومة كثيرين كالحاج. وإلا ما كنا لنكدّس هذا الكم من الانتصارات".
يا حاج فوزي، إن لك "ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".. أما نحن ففي غيابك وحضورك "ما رأينا إلا جميلا".
لطالما كنت أخاف الاقتراب من القبور.. مرعبٌ أن تكون محاطاً بهذا القدر من الموت.. إلا أن جبشيت كسرت عقدتي، فحين وقفت عند ضريح الشيخ راغب حرب، للمرة الأولى، شعرت بقوة الحياة.. غريبٌ كيف يضخّ الشهداء فيك هذا القدر من الحياة والحب!
في الطريق إلى عين قانا، ذهول يعتريني، كما في كل مرة أزور الجنوب، لا يكسره سوى حين يروي رفيق الطريق قصصاً عن المقاومة فيكون لي دليلاً إلى دماء الشهداء وانكسار الإسرائيلي وانتصارات نحتاج إلى سنوات لنسرد بعضاً منها.
في عين قانا، امتلأت الساحات والشرفات والطرقات بصوره وبلافتات التبريك بشهادته. في عين قانا، مئات لا بل آلاف القصص عنه.
وعند الضريح، الذي لا يفرغ من الزائرين المصلّين، عند الضريح، الذي تحوّل محجّاً لشبابه ولكل من كان الحاج شرارة أمل في ظلم دنياه، كنت سأكتب له، للذي لا يرد طلباً لأحد، رسالة أضعها قرب الضريح أطلب فيها أن ألتقي الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله، فلطالما تمنيت أن تتحقق أمنيتي قبل أن أموت. لم أكتب الرسالة!
الشهيد فوزي أيوب
عند تلك التلّة، يدهم الضباب قمراً انتصف ليضيء للشباب المصلّين عند الضريح والقارئين للأدعية. وقفت خالية خاوية من الأفكار والمشاعر.. نسمة تصفع قلبي تحلّق روحي وتخترقني سكينة استثنائية. يقضّ هذا الهدوء سؤال "بتعرفي للحاج؟". أجيب بحزم "لأ"، فالرجال كالحاج فوزي تعرّف عنهم أعمالهم وانتصارات المقاومة.. فالرجال كالحاج فوزي تعرفهم بروحك، بكرامتك ووجودك.
إلى منزله، حيث عُلّقت راية السيدة زينب الدمشقية، فهو جندي الله الصامت المجاهد المصلّي الذي تنقّل بين عواصم العالم "غازياً في سبيل الله"، كما قال في وصيّته. الرجل، الذي "هجر الأهل والمال والولد لنصرة الدين بهدف الغلظ على الكافرين"، حملت عائلته وجعها وفخرها. فأم عباس، صبرت على غيابه في الأسر، أما اليوم، فالغياب صعب، بهدوء استثنائي تتحدث عن عنه وتطلب من الله أن يمنحها صبر العقيلة.
"سرح الحاج فوزي في ميادين السابقين وأسرع إلى الله من البارزين"، غادر الدنيا التي أتعبته ووجع شبابه الذين استشهد عددٌ منهم فيما أصيب آخرون إصابات بالغة. فهو في أيامه الأخيرة، كان يبكي ليلاً على من "يحبهم أكثر من أولاده"، تقول الحاجة أم عباس، الذي خصّها زوجها في وصيته بالقول "إن قدّر لي أن أدخل الجنة فلن أدخل من دونك، سأنتظر على باب الجنة أيتها الراضية المرضية".
أيوب الصابر في الأسر.. أيوب الذي حمل وجع إصابته في كمين إسرائيلي في جبل الرفيع.. أيوب القائد والمنارة لشباب المنطقة.. كان يجمع الحطب لأهالي المنطقة.. يبيع ملابس ترسل إليه من الخارج ليساعد أهالي الضيعة.. يجمع سجّاد منزله ويقدّمه لعائلة محتاجة.. يهبّ لمساعدة أي كان. أما في الميدان فالإسرائيلي والأميركي يعرفان جيداً قيمة هذا القائد الذي كان يتقدّم الهجوم "فيكون أمامه الانتصار وليس خلفه".
"لو علم الملوك بسعادتنا لقاتلونا عليها"، يقول في وصيّته، هو من كان يمضي الليل في الصلاة وهو من كان يشعّ إيماناً فيفيض نوراً على من حوله. وإن أضاعه الشباب، حتى في المعركة، لوجدوه تحت شجرة أو بناية مدمّرة خاشعاً يصلّي.
"يا خيي هولي ما بيتّمنوش علموك كيف تتقرب إلى الله تعالى"، يقول في الوصية أيضاً عن القادة الذين أرشدوه إلى درب المقاومة، فيما هو تحوّل إلى واحدٍ منهم.
في منزل أحد تلامذة القائد أيوب، يكون هو محور الحديث، يتحدثون عنه من دون توقف، يسردون بطولاته بشغف وحماسة؛ ثم تقول امرأة "ما حدا متلو". أجيبها: "هو رجلٌ استثنائي وهذا أمرٌ مفروغٌ منه إلا أن في المقاومة كثيرين كالحاج. وإلا ما كنا لنكدّس هذا الكم من الانتصارات".
يا حاج فوزي، إن لك "ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".. أما نحن ففي غيابك وحضورك "ما رأينا إلا جميلا".