ارشيف من :آراء وتحليلات
وحسم الجدل في تونس حول مواعيد الإنتخابات
بعد أن اختار التونسيون في دستورهم الجديد النظام الرئاسي المعدل، أي ذلك النظام الذي يكون فيه رئيس الجمهورية صاحب صلاحيات معتبرة ومنتخب مباشرة من الشعب بالإقتراع العام بخلاف النظام البرلماني، مع منح رئيس الحكومة أيضا صلاحيات واسعة على غرار النظام البرلماني، وبعد أن احتدم الجدل بشأن مواعيد الإنتخابات بين من يصر على ضرورة تزامن الرئاسية والبرلمانية وبين راغب في أسبقية انتخاب البرلمان على الرئيس، تم حسم الجدل وأعلنت الهيئة المستقلة للإنتخابات عن المواعيد الرسمية التي حددها الحوار الوطني وصادق عليها المجلس الوطني التأسيسي.
فقد تم الإتفاق على أن تكون الإنتخابات النيابية يوم 26 أكتوبر/ تشرين أول 2014 فيما سيجرى الدور الأول من الإنتخابات الرئاسية يوم 23 نوفمبر تشرين ثاني و 28 ديسمبر كانون أول بالنسبة للدور الثاني من الإنتخابات الرئاسية. وستنتهي المرحلة الإنتقالية الثانية بإجراء هذه الإنتخابات التي ستفرز مؤسسات الدولة الدائمة ويبدأ التونسيون معها مرحلة جديدة في تاريخهم المعاصر بعد سنوات عجاف تلت إسقاط نظام بن علي وشهدت انتخابات ديمقراطية أوصلت تيارا سياسيا أراد الإستئثار بالحكم وإعادة إنتاج ديكتاتورية جديدة وأدها التونسيون في المهد.
التوافق حول الرئيس
ومنذ الإعلان عن مواعيد الإنتخابات ساد ارتياح عام في الشارع التونسي وانطلقت عمليات التسجيل بالنسبة لغير المسجلين فيما بدأ المسجلين من التأكد من تواجد أسمائهم بمراكز الإقتراع عبر وسائل الإتصال الحديثة، لكن بيانا صادرا عن مجلس شورى حركة النهضة أصاب الكثيرين بالإحباط. حيث تطالب "الحركة الإخوانية" بضرورة التوافق بين جميع الفرقاء حول شخص الرئيس القادم لتونس قبل إجراء الإنتخابات، وهو ما يعني بأن الحركة ترغب في أن تكون الإنتخابات صورية وغير ذات جدوى.
علم تونس
والحقيقة أن حركة النهضة تدرك جيدا أن رئيس حركة نداء تونس رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي هو المرشح الأوفر حظا للفوز بالرئاسة والتربع على عرش قرطاج، وذلك وفقا لاستطلاعات الرأي المجراة من قبل كثير من مراكز سبر الآراء التونسية والأجنبية. لذلك فإن "الحركة الإسلامية"، وبحسب الكثيرين، بصدد القيام بمناورة من أجل قطع الطريق على قائد السبسي من خلال تحريض باقي الأحزاب على السير على منوالها وعزل حركة نداء تونس وإبراز أنها الحزب الوحيد الذي يقف حجر عثرة ضد التوافق.
العدالة الإنتقالية
كما أن الإعلان عن تركيبة هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بملف العدالة الإنتقالية أثار الكثير من الجدل، حيث سعت حركة النهضة داخل المجلس الوطني التأسيسي الذي تهيمن عليه إلى تعيين إحدى المقربات من الحركة على رأس هذه الهيئة. وبالتالي فإن هناك خشية من تزييف التاريخ أي محاسبة خصوم حركة النهضة من قبل هذه الهيئة، وتنزيه الحركة وتبرئتها من الإنتهاكات الحاصلة زمن حكمها وهي كثيرة ومنها استعمال سلاح الرش المحرم دوليا والذي تم جلبه من دولة خليجية وتم توظيفه ضد المحتجين في البحرين لإخماد التحركات الشعبية.
وتهدد كثير من الجهات بالخروج مجددا إلى الشارع لإيقاف ما يعتبرونها مهزلة، أي العدالة الإنتقالية كما أرادتها حركة النهضة، أي اعتبار دولة الإستقلال التي شيدت تونس دولة فساد واستبداد من خلال المحاسبة عن الفترة التي تلت عودة الزعيم الحبيب بورقيبة من المنفى منصورا باستقلال تونس، وانتهاء المحاسبة عند تاريخ مغادرة بن علي لتونس بعد سقوط نظامه. أما فترة حكم حركة النهضة فهي غير معنية بالمحاسبة.