ارشيف من :آراء وتحليلات

الرهان على الارهاب: لبنان الى اين ؟

الرهان على الارهاب: لبنان الى اين ؟
بعد توقف دام أربعة أشھر، عاد شبح التفجيرات الانتحارية الى الضاحية الجنوبية. وبعد ثلاثة أيام على تفجير ضھر البيدر وقع تفجير إرھابي عبر سيارة مفخخة كان يقودھا انتحاري سوري الجنسية في محلة الطيونة ـ شاتيلا التي تشكل إحدى مداخل الضاحية من جھة الشمال.  اظهرت التحقيقات ان  طريقة تنفيذ ھذا التفجير "بدائية" والجھة التي قامت به "غيرمحترفة" وفد تعمدت التفجير في  توقيت  تحتشد فيه الجموع لمتابعة مباريات المونديال بغية إلحاق أكبر خسائر بشرية ممكنة.
 
أظھرت طريقة دخول السيارة ونوعيتھا وزنة العبوة وعملية التفجير، أن ثمة ارتجالا وعشوائية في التنفيذ ، يدل على ذلك ارتباك الانتحاري، وھو دليل على أن الوضع الامني ممسوك، وأن كل الاجراءات متخذة من قبل الاجھزة الامنية والعسكرية، والا لما انفجرت بطريقة عشوائية على غرار ما حصل في ضھر البيدر. من الملاحظ ايضا ان  الخسائر البشرية كانت طفيفة نسبيا :   الانفجار الذي كان دويه قويا اسقط شهيدا وعددا من الجرحى في صفوف العسكريين على حاجز الجيش اللبناني وفي صفوف بعض رواد مقھى شعبي كان يعج بالرواد المتابعين لمباراة البرازيل ـ كاميرون.
 
من جهة اخرى  تداعيات الازمة العراقية بدأت بالوصول إلي لبنان و الى العاصمة بيروت  مما رتب انعكاسات سلبية مباشرة على الموسم السياحي الذي كان شھد انطلاقة قوية ليصاب بانتكاسة مبكرة... بحسب مصادر دبلوماسية في بيروت فإن أخطر ما في انعكاسات الاحداث الدامية في العراق وسوريا يكمن في أنھا
تستحضر بقوة النعرات والعصبيات المذھبية والتي بدورھا تستحضر عناصر الفتنة التي تھدد المنطقة عامة وخصوصا لبنان، الذي يشهد  في بعض المدن والمخيمات  تراجعا لقوى الاعتدال لمصلحة التطرف والقوى الاصولية.
 
ولفتت المصادر الى أنه يخطئ من يظن بأن خطر "داعش" وغيرھا من التنظيمات الارھابية في المنطقة يمكن استئصاله بين ليلة وضحاھا لمجرد أن الجيش العراقي استعاد المبادرة على الارض أو لمجرد أن بعض القوى الدولية والاقليمية أعلنت عن استعدادھا للتحرك لمواجھة تداعيات وانعكسات المعارك الجارية في مدن العراق والتي فرضت واقعا جديدا تؤكد مجرياته وحيثياته عن مدى تنامي قوة المنظمات الارھابية التي تھدد بتقويض أمن واستقرار المنطقة برمتھا.
 
عاصفة العراق تلفح مناطق لبنانية وتنعش  حالات التطرف النائمة  والمتعاطفة  مع "داعش"  واخواتها. وھذا المناخ الجديد يمكن أن يتحول الى توتر ومشاكل وأن يشكل مشروع انقلاب على الخطة الامنية، وبالتالي لا يمكن الفصل بين التطورات العراقية وتحركات التيارات الاسلامية التي تزامنت معھا وتأخذ شكل مواجھة متنقلت مع السلطات الامنية .
 
 ترى أوساط  أن الخلايا المتطرفة التي تحاكي فكر داعش والنصرة والقاعدة منتشرة في أحياء بعض المدن والمخيمات وھي في حالة ترقب وانتظار ساعة الصفر للظھور العلني ومباشرة أنشطتھا التكفيرية من جديد، سيما وأن قيادات قاعدية اختفت منذ بدء الخطة الامنية وترفض أي تسوية أو مساومة على مصيرھا لانھا تدرك حجم تورطھا الداخلي والخارجي وبالتالي فإنھا ليست مستعدة الى اي نقاش تسووي.
 
وتشير الاوساط الى مخاطر ھذه الخلايا التي لا تزال قادرة على استھداف عسكريين  وافتعال  حوادث متفرقة تحت عناوين خلفيات شخصية لكنھا تقع كلھا في سياق الارباك الامني، وھي خلايا بدأت تستعد لمرحلة جديدة بعد انتعاشھا لحظة سيطرة داعش على شمال العراق. ولوحظ ھذا الانتعاش في أوساط قوى أصولية ناشطة علقت آمالھا على ما تعتبره إنجازات داعشية ستكون لھا امتداداتھا في المنطقة من العراق الى سوريا ولبنان، بل بلغ ببعض ھذه القوى أنھا راحت تبشر بھلال سني يناھض الھلال الشيعي.
 
وفي طرابلس ومناطق اخرى باتت رايات داعش والنصرة ترفع علنا فوق بعض المباني والمساجد وفي الشوارع العامة وتنطلق بعض المسيرات التي لا تخشى من الھتاف للنصرة أو القاعدة وداعش، بل إن بعض ھذه القوى تطلق الوعيد للانتقام...يراھن البعض على عامل تھدئة داخلي متمثل بتفاھم  بارد  بين حزب الله و تيار "المستقبل" يقضي باستمرار عمل الحكومة ، ورعاية القوى الامنية والعسكرية، لكي تقوم بدورھا في حماية الاستقرار. بينما يتوقع اخرون ان هذا الوضع  لا يعدو كونه مجرد مھدئ ظرفي يسبق بداية حرب طويلة، لن تستطيع أي تھدئة داخلية أن تتلافى نتائجھا، بسبب تصاعد اعمال العنف و مجاراة نزعة التطرف والارهاب في المنطقة ، ووجود اطراف محلية تناصر حركات التكفير او على الاقل تبرر اعمالها . وفي هذا المجال تشير المصادر الى تصريحات سمير جعجع التي تتجاهل وجود داعش واخواتها وتصريحات رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي شن مؤخرا هجوما على ما سماه  داعشية سياسية ليبرر اعمال الداعشية الارهابية .

امام تصاعد اعمال الارهاب ، يعتبر الحياد تواطؤ  ولبنان بحاجة الى جبهة ضد الارهاب والتكفير من اجل تجفيف مصادر الارهاب الاجتماعية والتربوية التي تتعاطف معه وتبرر اجرامه . الرهان على تصاعد الارهاب في العراق وسوريا يهدد لبنان بالفوضى والفتنة وخلط الاوراق . ويبقى السؤال : لبنان الى اين ؟
2014-06-26