ارشيف من :آراء وتحليلات
اسرائيل تسعى لايلام الفلسطينيين بلا مواجهة عسكرية تخشاها
شن عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة عسكريا واحتلاله، مسألة غير مطروحة على طاولة البحث الجدي لدى صانع القرار في تل ابيب. رغم كل المواقف والتصريحات المعلنة، بما يشمل مطالبة وزير الخارجية الصهيوني افيغدور ليبرمان ووزير الاقتصاد، نفتالي بينت. ويمكن الجزم، وبلا أي مجازفة، ان اعادة احتلال القطاع عسكريا، بما يوصّف بعملية "سور واقٍ 2" للعام 2002، مسألة غير واردة.
مع ذلك، تل ابيب معنية بتوجيه ضربة موجعة للفلسطينيين، ليس كرد على خطف وقتل المستوطنين الثلاثة ومنعهم من تكرار العملية وحسب، بل ايضا في موازاة ذلك، تصحيح وضع قائم غير مرغوب فيه مع حركة حماس في الضفة وقطاع غزة، بعد تصدع قدرة الردع الاسرائيلية، وفي نفس الوقت، إظهار قدرة ومنعة وقوة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لدى الناخب اليميني، منعا لمزاحمة الاكثر تطرفا منه، على كرسي رئاسة الحكومة لاحقا.
واذا كانت تل ابيب قد وضعت في اعقاب عملية الخطف، ولاحقا في اعقاب العثور على الجثث، سقوفا عالية جدا شبيهة بسقف انهاء حزب الله واجتثاثه من لبنان عام 2006، الا ان تحويل التهديد الى فرصة لم يكن كاملا، وليس بمقدوره التمدد نحو قطاع غزة لاجتثاث الفصائل المقاومة فيه.
عدة جلسات للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، وساعات من البحث والمداولات في شكل ومضمون الضربة العسكرية للفلسطينيين، لكن بلا قرار. المؤسستان العسكرية والامنية مدعومتان من وزير الحرب موشيه يعلون ومن خلفه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يقودان خطا "معتدلا" تجاه العمل الواجب اتباعه ضد الفلسطينيين، فيما يقود الخط المتشدد والداعي لاقصى رد ممكن، بما يشمل احتلال قطاع غزة، عدد من الوزراء، الا ان الخط الاخير ليس الا ضجيجا، لم يؤثر على اتخاذ القرارات.
في اطار توصيف الموقف الاسرائيلي، يلحظ ثلاث نقاط رئيسية:
اولا: تل ابيب معنية، بصورة كبيرة جدا، بتوجيه ضربة قاصمة ورادعة وغير مسبوقة، للتنظيم الاكثر حضورا وقوة لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. خطف وقتل المستوطنين الثلاثة كان مناسبة وفرصة، كي تستغل اسرائيليا لضرب البنية التحتية لحماس، والتي "شكى" منها قادة الجيش الاسرائيلي في الفترة الماضية، من انها تعاظمت كثيرا وبدأت تشكل تهديدا لا يستهان به، وتحديدا ما يرتبط بصناعة الصواريخ التي شخصت الاستخبارات المئات منها، والقادرة على ضرب تل ابيب ومنطقة غوش دان في العمق الاسرائيلي.
دبابة اسرائيلية
شكاية المسؤولين العسكريين الاسرائيليين هي ان حماس، وبقية الفصائل الاخرى الاكثر حضورا في قطاع غزة، تجاوزت مسألة "تهريب" الوسائل القتالية من الخارج، ومن سيناء تحديدا، ونجحت في انشاء عدد من الورشات والمصانع البدائية، لتصنيع ترسانة صاروخية كبيرة نسبيا. هؤلاء المسؤولون أكدوا ان مصلحة اسرائيل تكمن في المبادرة الى حملة وقائية ضد هذه المصانع، مع العمل على ضرب هذه الصواريخ.
ثانيا: مع ذلك، وفي مقابل هذه المصلحة المعلنة اسرائيليا، هناك جملة من العوائق والموانع، ومن شأنها ان تفرمل الاندفاعة الاسرائيلية للاستغلال الكامل للفرصة التي تبدت لها، من خلال خطف وقتل المستوطنين الثلاثة، وشن عدوان واسع على قطاع غزة. هناك خط احمر فاقع جدا، وضعه الاحتلال لنفسه حول الاطار الممكن التحرك من خلاله ضد حماس، وتحديدا في القطاع: ان لا يجر ذلك الى مواجهة شاملة.
تخوّف اسرائيلي
ولا يقتصر هذا الخط، على الخشية من الاثمان الممكن ان تدفعها اسرائيل في حال التصعيد العسكري الشامل، بما يشمل قصف تل ابيب وجوراها، بل يتعلق، وقبل ذلك، بالتداعيات التي لم يكشف الاحتلال تقديره عنها بصورة مباشرة، وهي اليوم الذي يلي المواجهة مع قطاع غزة، والتي تفترض تل ابيب انها ستفضي الى كسر حماس في القطاع واضعافها، وبالتالي تعزيز وتعاظم قوة وحضور جهات وفصائل اخرى، اكثر تطرفا واقل عقلائية، بما يشبه "المشهد الصومالي".
في هذا السياق، تكشف صحيفة يديعوت احرونوت، نقلا عن الاستخبارات الاسرائيلية، ان غزة موجودة الان في لحظة حرجة جدا، وهي قريبة اليوم اكثر مما مضى من الوضع الذي يذكر بالصومال،اذ ان القطاع بات مليئا بالعصابات والجماعات التي تعمل بصورة مستقلة عن قيادة مركزية، اي انه في حال ضعفت حماس، فان البديل هو المشهد الصومالي والفوضى، وهو ما تخشاه تل ابيب الى حد كبير جدا.
ثالثا: من هنا، يمكن فهم التردد والارباك الاسرائيلي، وثلاث جلسات متتالية خلال يومين للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية، مع تجاذب في المواقف والاراء، وتنبيه الى حد التحذير للمؤسسة العسكرية، من الاقدام على توجيه ضربة كبيرة في القطاع، تؤدي الى ما لا يحمد عقباه.
مع ذلك، لا يعني كل ما ورد، ان اسرائيل لن تقدم على شن اعتداء على قطاع غزة. الخلاف بين القادة الصهاينة حول حجم الاعتداء ووجهته، اذ ان السؤال الابرز المطروح على طاولة القرار في تل ابيب هو التالي: ما هو الحد الاقصى من الاعتداءات الممكن تنفيذها، وتعتبر استعراضية وواسعة ورادعة، وفي نفس الوقت لا تكسر حماس الى درجة تعزيز سواها في القطاع، وفي نفس الوقت لا تؤدي الى رد من قبل الفلسطينيين؟
بحسب الاعلام العبري، طرحت في الجلسات المتكررة للوزاري المصغر جملة من الخيارات، ومن بينها ضربة جوية عقارية لحركة حماس في القطاع، بمعنى ضرب المباني التي تشغلها مؤسساتها، من دون التسبب بقتلى، سواء عسكريين او مدنيين. ايضا طرحت فكرة ضرب بعض المصانع التي تستخدمها حماس والجهاد الاسلامي لتصنيع الوسائل القتالية، لكن بعد التأكد من اخلائها، فيما رفضت رفضا قاطعا، فكرة تفعيل الاغتيالات لمسؤولين حمساويين، لانها بالتأكيد تجر الى مواجهة اوسع.
اذاً، كان الجدال الاسرائيلي مركزا على هذا المنحى: البحث عن ضربة عسكرية كبيرة جدا لحماس في قطاع غزة، ليس من شأنها ان تجر الى رد منها. ضربة تسمع دويها في الوعي الفلسطيني، لكنها لا تدفع الفلسطينيين للرد عليها. وهذه المعادلة، كفيلة بفهم اضطرار نتنياهو لعقد ثلاث جلسات للوزاري المصغر، بصورة متتالية وخلال ثلاثة ايام.
الا ان الجريمة التي ارتكبها المستوطنون بحق الفتى الفلسطيني، بقتله واحراق جثته، وتداعيات هذه الجريمة في الداخل الفلسطيني ومن الخارج، دخلت على خط المعادلة وعلى الخيارات الاسرائيلية المطروحة، وزادت من ارباك تل ابيب حول الاعتداء المرتقب على قطاع غزة، بحيث يمكن القول، وبلا تردد انها حدت من خياراتها.
الايام المقبلة من شأنها ان تكشف الخيار الاسرائيلي الممكن، والتي يمكن استشرافه مسبقا، بناء على ما كشفته صحيفة يديعوت احرونوت نقلا عن مصدر امني رفيع: "توصية المؤسسة الامنية حاليا هي استعراض القوة امام الفلسطينيين، لكن ليس تحطيم الاواني".
مع ذلك، تل ابيب معنية بتوجيه ضربة موجعة للفلسطينيين، ليس كرد على خطف وقتل المستوطنين الثلاثة ومنعهم من تكرار العملية وحسب، بل ايضا في موازاة ذلك، تصحيح وضع قائم غير مرغوب فيه مع حركة حماس في الضفة وقطاع غزة، بعد تصدع قدرة الردع الاسرائيلية، وفي نفس الوقت، إظهار قدرة ومنعة وقوة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لدى الناخب اليميني، منعا لمزاحمة الاكثر تطرفا منه، على كرسي رئاسة الحكومة لاحقا.
واذا كانت تل ابيب قد وضعت في اعقاب عملية الخطف، ولاحقا في اعقاب العثور على الجثث، سقوفا عالية جدا شبيهة بسقف انهاء حزب الله واجتثاثه من لبنان عام 2006، الا ان تحويل التهديد الى فرصة لم يكن كاملا، وليس بمقدوره التمدد نحو قطاع غزة لاجتثاث الفصائل المقاومة فيه.
عدة جلسات للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، وساعات من البحث والمداولات في شكل ومضمون الضربة العسكرية للفلسطينيين، لكن بلا قرار. المؤسستان العسكرية والامنية مدعومتان من وزير الحرب موشيه يعلون ومن خلفه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يقودان خطا "معتدلا" تجاه العمل الواجب اتباعه ضد الفلسطينيين، فيما يقود الخط المتشدد والداعي لاقصى رد ممكن، بما يشمل احتلال قطاع غزة، عدد من الوزراء، الا ان الخط الاخير ليس الا ضجيجا، لم يؤثر على اتخاذ القرارات.
في اطار توصيف الموقف الاسرائيلي، يلحظ ثلاث نقاط رئيسية:
اولا: تل ابيب معنية، بصورة كبيرة جدا، بتوجيه ضربة قاصمة ورادعة وغير مسبوقة، للتنظيم الاكثر حضورا وقوة لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. خطف وقتل المستوطنين الثلاثة كان مناسبة وفرصة، كي تستغل اسرائيليا لضرب البنية التحتية لحماس، والتي "شكى" منها قادة الجيش الاسرائيلي في الفترة الماضية، من انها تعاظمت كثيرا وبدأت تشكل تهديدا لا يستهان به، وتحديدا ما يرتبط بصناعة الصواريخ التي شخصت الاستخبارات المئات منها، والقادرة على ضرب تل ابيب ومنطقة غوش دان في العمق الاسرائيلي.
دبابة اسرائيلية
شكاية المسؤولين العسكريين الاسرائيليين هي ان حماس، وبقية الفصائل الاخرى الاكثر حضورا في قطاع غزة، تجاوزت مسألة "تهريب" الوسائل القتالية من الخارج، ومن سيناء تحديدا، ونجحت في انشاء عدد من الورشات والمصانع البدائية، لتصنيع ترسانة صاروخية كبيرة نسبيا. هؤلاء المسؤولون أكدوا ان مصلحة اسرائيل تكمن في المبادرة الى حملة وقائية ضد هذه المصانع، مع العمل على ضرب هذه الصواريخ.
ثانيا: مع ذلك، وفي مقابل هذه المصلحة المعلنة اسرائيليا، هناك جملة من العوائق والموانع، ومن شأنها ان تفرمل الاندفاعة الاسرائيلية للاستغلال الكامل للفرصة التي تبدت لها، من خلال خطف وقتل المستوطنين الثلاثة، وشن عدوان واسع على قطاع غزة. هناك خط احمر فاقع جدا، وضعه الاحتلال لنفسه حول الاطار الممكن التحرك من خلاله ضد حماس، وتحديدا في القطاع: ان لا يجر ذلك الى مواجهة شاملة.
تخوّف اسرائيلي
ولا يقتصر هذا الخط، على الخشية من الاثمان الممكن ان تدفعها اسرائيل في حال التصعيد العسكري الشامل، بما يشمل قصف تل ابيب وجوراها، بل يتعلق، وقبل ذلك، بالتداعيات التي لم يكشف الاحتلال تقديره عنها بصورة مباشرة، وهي اليوم الذي يلي المواجهة مع قطاع غزة، والتي تفترض تل ابيب انها ستفضي الى كسر حماس في القطاع واضعافها، وبالتالي تعزيز وتعاظم قوة وحضور جهات وفصائل اخرى، اكثر تطرفا واقل عقلائية، بما يشبه "المشهد الصومالي".
في هذا السياق، تكشف صحيفة يديعوت احرونوت، نقلا عن الاستخبارات الاسرائيلية، ان غزة موجودة الان في لحظة حرجة جدا، وهي قريبة اليوم اكثر مما مضى من الوضع الذي يذكر بالصومال،اذ ان القطاع بات مليئا بالعصابات والجماعات التي تعمل بصورة مستقلة عن قيادة مركزية، اي انه في حال ضعفت حماس، فان البديل هو المشهد الصومالي والفوضى، وهو ما تخشاه تل ابيب الى حد كبير جدا.
ثالثا: من هنا، يمكن فهم التردد والارباك الاسرائيلي، وثلاث جلسات متتالية خلال يومين للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية، مع تجاذب في المواقف والاراء، وتنبيه الى حد التحذير للمؤسسة العسكرية، من الاقدام على توجيه ضربة كبيرة في القطاع، تؤدي الى ما لا يحمد عقباه.
مع ذلك، لا يعني كل ما ورد، ان اسرائيل لن تقدم على شن اعتداء على قطاع غزة. الخلاف بين القادة الصهاينة حول حجم الاعتداء ووجهته، اذ ان السؤال الابرز المطروح على طاولة القرار في تل ابيب هو التالي: ما هو الحد الاقصى من الاعتداءات الممكن تنفيذها، وتعتبر استعراضية وواسعة ورادعة، وفي نفس الوقت لا تكسر حماس الى درجة تعزيز سواها في القطاع، وفي نفس الوقت لا تؤدي الى رد من قبل الفلسطينيين؟
توجه إسرائيلي لتوجيه ضربة عسكرية كبيرة ضد حماس في قطاع غزة |
اذاً، كان الجدال الاسرائيلي مركزا على هذا المنحى: البحث عن ضربة عسكرية كبيرة جدا لحماس في قطاع غزة، ليس من شأنها ان تجر الى رد منها. ضربة تسمع دويها في الوعي الفلسطيني، لكنها لا تدفع الفلسطينيين للرد عليها. وهذه المعادلة، كفيلة بفهم اضطرار نتنياهو لعقد ثلاث جلسات للوزاري المصغر، بصورة متتالية وخلال ثلاثة ايام.
الا ان الجريمة التي ارتكبها المستوطنون بحق الفتى الفلسطيني، بقتله واحراق جثته، وتداعيات هذه الجريمة في الداخل الفلسطيني ومن الخارج، دخلت على خط المعادلة وعلى الخيارات الاسرائيلية المطروحة، وزادت من ارباك تل ابيب حول الاعتداء المرتقب على قطاع غزة، بحيث يمكن القول، وبلا تردد انها حدت من خياراتها.
الايام المقبلة من شأنها ان تكشف الخيار الاسرائيلي الممكن، والتي يمكن استشرافه مسبقا، بناء على ما كشفته صحيفة يديعوت احرونوت نقلا عن مصدر امني رفيع: "توصية المؤسسة الامنية حاليا هي استعراض القوة امام الفلسطينيين، لكن ليس تحطيم الاواني".