ارشيف من :آراء وتحليلات

التونسيون.. والعدوان على غزة

التونسيون.. والعدوان على غزة
خرج التونسيون مثلما جرت العادة في مظاهرات حاشدة تضامنا مع الشعب الفلسطيني في غزة الذي يتعرض لإبادة صهيونية على مرأى ومسمع من العالم. ودعت إلى هذه المظاهرات أغلب الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني يتقدمها الإتحاد العام التونسي للشغل، وصب البعض خلال هذه المظاهرات جام غضبهم على حركة النهضة التي عطلت فيما سبق تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في الدستور التونسي الجديد بتعلة أن الأمر يعود إلى القوانين العادية، ولم يسن قانون يتعلق بهذا الأمر رغم مرور أشهر خمس على الإنتهاء من كتابة الدستور.

كما تعرضت الطبقة السياسية في البلاد إلى انتقادات واسعة بعد أن ظهرت صورة تداولتها مواقع التواصل الإجتماعي وبعض وسائل الإعلام تظهر كبار السياسيين في تونس وعلى رأسهم زعيمي حركة النهضة وحركة نداء تونس راشد الغنوشي والباجي قائد السبسي يجالسون السفير الأمريكي في تونس جاكوب والس بمقر السفارة الأمريكية في تونس بمناسبة احتفال الأمريكيين بعيدهم الوطني.  وذلك في الوقت الذي تتعرض فيه غزة إلى قصف إسرائيلي أسقط ضحايا من المدنيين بالجملة بمباركة أمريكية.

مقاطعة

وكرد فعل على ما حصل قرر مثقفون وأحزاب سياسية ومنظمات وطنية على غرار النقابة الوطنية للصحفيين مقاطعة حفل السفارة الفرنسية بمناسبة احتفال باريس بعيدها الوطني بسبب مواقف الرئيس الفرنسي الداعمة للكيان الصهيوني. كما نشرت صحيفة الشروق التونسية خبرا مفاده أن رئيس الحكومة التونسية المهدي جمعة قرر أن لا تشارك حكومته في احتفال السفارة الفرنسية وكذا البعثات الديبلوماسية التونسية في الخارج.

التونسيون.. والعدوان على غزة
تظاهرات في تونس



ورغم هذه المقاطعات فإن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أبى إلا أن يحضر يوم 14 تموز بمقر إقامة السفير الفرنسي بضاحية المرسى قرب العاصمة التونسية، ضاربا بمطالبات المقاطعة عرض الحائط مجددا ما جعله وحركته يتعرضون لانتقادات واسعة من قبل فئات من الشعب التونسي. كما عبر زعماء أحزاب سياسية صراحة عن عدم مقاطعتهم لاحتفال السفارة الفرنسية على غرار رئيس الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي.

تزلف

لم يتغير شيء في تونس بعد "ثورتها" فيما يتعلق بتفاعلها من قضاياها القومية، شعب يناضل ويدافع كعادته عن هذه القضايا من خلال الجمعيات والمنظمات الوطنية، وساسة خانعون همهم مصالحهم للحفاظ على كراسيهم من خلال التزلف لهذه القوة العالمية أو تلك. ولعل ما يحز في نفوس الكثيرين أن الطبقة السياسية الجديدة المتكونة من معارضي بن علي السابقين كانت تعيب عليه عدم اتخاذه لمواقف شجاعة نصرة للقضايا العربية والإسلامية، فإذا بها تسير على نهجه، وربما أسوأ مما كان سائدا، في هذا المجال.

فالسفير الأمريكي وقبل الثورة كان ينتظر أشهرا ليلتقي ساكن قرطاج (مقر رئاسة الجمهورية)، أما اليوم فقد بات الساسة يحجون إليه ويتسابقون فيما بينهم على نيل رضاه، والأدهى أن ذلك يحصل في وقت يذبح فيه أطفال أبرياء ومدنيون على يد "الإبنة المدللة" لـ" السيد الأمريكي". حتى أن البعض بات يخشى من حصول الأسوأ وهو إقدام الطبقة السياسية الجديدة وعلى رأسها حركة النهضة على إقامة علاقات ديبلوماسية مع الكيان الصهيوني لتلتحق تونس بركب الأردن ومصر.

الموقف من حماس

كما أن شريحة من التونسيين بدت على غير عادتها غير متحمسة كما كانت في السابق لنصرة القضية الفلسطينية ويتعلق الأمر بفئتين. الأولى هي التيار القومي الذي يعيب على حركة حماس موقفها من الحرب الدائرة في سوريا ويعتبر هؤلاء أن حركة المقاومة الإسلامية ما كان عليها أن تمد يدها لأعداء سوريا، خاصة وأن دمشق قدمت لها جميع أشكال الدعم ماضيا وحاضرا.

أما الفئة الثانية فهي التيار الوطني التونسي الذي يرى في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين خطرا على تونس، إذ يعادي هذا التيار حركة النهضة ويضع حماس في ذات السلة مع "الحركة الإسلامية التونسية" أي انتماءها إلى تنظيم دولي يتآمر على تونس. وينتقد هؤلاء إسرائيل بشدة في قصفها للمدنيين لكنهم لا يؤيدون حماس.
2014-07-16