ارشيف من :آراء وتحليلات
ليبيا: معركة الحسم
يؤكد أغلب الخبراء والمحللين بأن الفوضى العارمة التي تشهدها ليبيا اليوم، هي صراع بين مشروعين، واحد يتبنى "الإسلام السياسي" الإخواني المتحالف مع الوهابية وآخر ليبرالي متحالف مع القوى الوطنية. فالجماعات التكفيرية المسنودة سياسيا من الإخوان هي بصدد استرجاع ما افتكه اللواء خليفة حفتر في بنغازي وأنصاره ثوار الزنتان في طرابلس.
"غرفة عمليات ثوار ليبيا"، الميليشيا التي ينسبها البعض إلى التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، تؤكد عديد المصادر على حصولها على معونات من دولة خليجية ما جعلها تحسم الموقف في طرابلس مع ميليشيا "ثوار الزنتان". كما أن هذه الجهة الخليجية متهمة أيضا بدعم الجماعات التكفيرية في بنغازي التي تمكنت من السيطرة على أهم قاعدة عسكرية بالمدينة بعد ان افتكتها من الجيش الليبي.
انقلاب على الإنتخابات
ويرى محللون بأن ما تشهده ليبيا هو أيضا انقلاب على نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة التي انهزمت فيها التيارات الموالية لجماعة الإخوان والمسلمين. فهذه الجماعات، بحسب أصحاب هذا الطرح، لم تقبل ما أفرزته صناديق الإقتراع وتسعى لإعادة الخارطة السياسية في البلاد إلى ما كانت عليه بعيد الإطاحة بنظام القذافي وسيطرتها على مقاليد الأمور بدعم خارجي.
ليبيا
ويبدو أن جهة إقليمية مغاربية تحديدا متورطة أيضا في دعم الإنقلابيين الليبيين ماديا ولوجستيا وبتحريض من جهة خليجية معلومة. ويدرك هذا الطرف المغاربي الداعم للإنقلاب في ليبيا أن نهاية حكم الإخوان وداعميهم من التكفيريين هو نهاية لحكمه وهيمنته على القرار في الدولة المغاربية التي ينتمي إليها، باعتبار وأن هذا الطرف بات محاصرا إقليميا بعد نهاية حكم الإخوان في مصر وفشل قلب النظام في الجزائر بعد فوز بوتفليقة بولاية جديدة.
خطر الإرهاب
ويحذر كثير من الخبراء من استفحال خطر الإرهاب في المنطقة في حال تمكنت الجماعات الإخوانية والتكفيرية من حسم المعركة لصالحها، فحينها ستتحول ليبيا إلى أفغانستان جديدة وتصبح قبلة تحج إليها هذه الجماعات وتكون منطلقها لاستهداف دول الجوار. فمصر والجزائر على وجه الخصوص ستصبحان في مرمى النيران أكثر من غيرهما باعتبار وأن النظامين الحاكمين في هذين البلدين مصنفين في خانة "أعداء هذه الجماعات"، في حين أن الجيش التونسي الذي قال بشأنه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية الإخوانية بأن ولاءه غير مضمون سيكون بدوره أكثر استهدافا من هذه الجماعات إلى أن يتم تركيعه ويصبح مضمونا.
وبالتالي فإنه من المتوقع أن تقوم كل من مصر والجزائر بلعب دور فعال في ليبيا خلال الفترة القادمة باتجاه مساندة الفريق الذي يسعى إلى الحد من هيمنة الإخوان أو القضاء على وجودهم في السلطة. فالمنطقة برمتها انقسمت إلى فريقين واحد مساند للإخوان والتكفيريين وواحد معارض لها ولم يعد بين هذه الدول أي اعتبار فمعارضو حركة النهضة في تونس، وعلى سبيل، هم من مساندي حفتر في ليبيا والسيسي في مصر، وحركة النهضة التونسية تتخندق مع إخوان مصر ومع الإسلاميين في ليبيا.
صراع وجود
فالصراع الدائر الآن في ليبيا هو صراع وجود بالنسبة لفرقاء كل طرف يسعى لإلغاء الآخر والمنطقة برمتها تشهد هذا الصراع الذي حمي وطيسه. ولعل المستفيد الأكبر من هذه الحروب الأهلية، البادية للعيان في ليبيا والصامتة في تونس، هو الغرب والعدو الصهيوني الذي يسعى إلى إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة بناء على هذه المتغيرات وغيرها.
كما أن شركات السلاح الأمريكية والفرنسية أوجدت سوقا جديدة لبيع منتوجاتها. فدولة مثل تونس التي كانت تنفق ثلث ميزانيتها على التعليم أصبحت من أهم زبائن تجار السلاح. فقد أبرمت الخضراء منذ أشهر صفقة لشراء مروحيات فرنسية مقاتلة ومناظير ليلية ومدافع كما تقوم هذه الأيام بإنفاق مبالغ طائلة لشراء مروحيات مقاتلة و رشاشات وطائرات بدون طيار بعد صفقة أبرمتها مع الجانب الأمريكي، وذلك من أجل محاربة الإرهاب الوافد الجديد على الخضراء. ويبدو الإقتصاد التونسي بأمس الحاجة إلى هذا المبالغ التي يتم هدرها سدى.