ارشيف من :آراء وتحليلات

الحرب الإسرائيلية على غزة... عالمية وفاشلة !

الحرب الإسرائيلية على غزة... عالمية وفاشلة !

يقع أغلبنا بخطأ شائع عند استخدامنا لعبارة "الحرب الإسرائيلية" أو "العدوان الإسرائيلي" على غزة أو أي بلد عربي آخر. فهذه الحرب "عالمية" من وجوه شتى. منها أن عدداً كبيراً من الجنود الذين يحاربون في جيش العدو الإسرائيلي ليسوا "إسرائيليين". ومنها أن عنصراً هاماً من عناصر القوة التي يمتلكها الإسرائيليون هو عنصر "عربي".

*أميركيون ومن جنسيات أخرى

لا يقتصر الدعم الغربي، المطلق وغير المشروط، للكيان الصهيوني، على المعونات المالية والتسليح والتسهيلات التجارية والمساندة السياسية والدبلوماسية. ولا على سياسات الزعزعة والتدمير التي تنتهجها الحكومات الغربية بحق بلدان المنطقة والتي تعود بنفع مباشر على الكيان الصهيوني.

بل إن هذا الدعم يصل إلى حد المشاركة الفعلية لـ "مواطنين" من هذا أو ذاك من بلدان الغرب في الحروب التي يشنها الكيان الصهيوني على البلدان العربية.

فوفق تقارير ظهرت مؤخراً، وبفعل الانتشار اليهودي والصهيوني في العالم، هنالك ما لا يقل عن ستة آلاف جندي يحملون جنسيات مختلفة، بينهم ما لا يقل عن 2000 أميركي، يخدمون في صفوف الجيش الإسرائيلي، ومعظمهم يشاركون في الحرب الحالية على غزة.

الحرب الإسرائيلية على غزة... عالمية وفاشلة !
العدوان على غزّة

 وقد أصبح هذا الواقع أمراً ممكناً بفعل "قانون إسرائيلي" يسمح لكل شخص غير "إسرائيلي" بالخدمة في صفوف الجيش شرط أن يكون يهودياً هو أو أحد أبويه أو جديه. والحقيقة أن هؤلاء المجندين هم امتداد لـ "الفيلق اليهودي" الذي شارك في الحربين العالميتين إلى جانب الحلفاء قبل أن يتمركز في فلسطين في ظل الانتداب البريطاني، حيث قام بدور مركزي في اغتصاب فلسطين وإقامة ما يسمى بـ "دولة إسرائيل".
 آلاف الجنود الغربيين يشاركون في العدوان الإسرائيلي على غزة

وبالطبع، فإن مثل هذا المعطى قد يسهم بعض الشيء في تعزيز قوة الكيان الصهيوني في حروبه على العرب. لكنه، ومن باب الطبيعة "العالمية" للحروب التي يشنها هذا الكيان على العرب، يسهم بشكل بالغ في إلحاق الضرر بالمجتمعات الغربية. لسببين:

الأول هو أن مشاركة مواطن أميركي أو فرنسي، حتى وإن كان يهودياً، في حروب تحت راية دولة أخرى يشكل خرقاً للقانون الدولي تتحمل المسؤولية عنه الدولة الأميركية أو الفرنسية، خصوصاً عندما يرتكب هذا المواطن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

أما الثاني فهو، فيما يتجاوز مفهوم الشرعية، التناقض الفاضح في موقف الدولة الفرنسية التي "تلاحق" (نظريا) المسلم الفرنسي الذي يذهب للقتال في سوريا، وتغض الطرف عن اليهودي الفرنسي الذي يشارك في قتل الشعب الفلسطيني. ناهيكم عن احتمال الاقتتال، في ظروف معينة، بين هذين المواطنين الفرنسيين.

*مشاركة عربية في الحروب الإسرائيلية على العرب

لكن الأنكى هو المشاركة العربية في الحروب الإسرائيلية على العرب. ليس المقصود هنا تلك المشاركة المتمثلة بسياسات الاستسلام العربي أمام الكيان الصهيوني. ولا تلك التي تأخذ شكل حث الكيان الصهيوني على مواصلة ضرب المقاومة في لبنان أو فلسطين حتى النهاية. ولا تلك المتمثلة بالدعم الذي تقدمه أنظمة الاستسلام نفسها للجماعات التكفيرية بممارستها التي، عن وعي أو غير وعي، تخدم المشروع الصهيو-أميركي. ولا تلك التي تثبتها التحليلات التي تخلص إلى نتيجة مفادها أن الأنظمة العربية والكيان الصيوني ينتميان معاً إلى المحور الأميركي ويخدمان سياساته لا سيما في المواجهات التي تدور بين هذا المحور ومحور المقاومة في المنطقة.        

 التكلفة المالية للعدوان الإسرائيلي على غزة... تدفعها بلدان عربية ! 
المقصود هو، تحديداً، الاتفاق غير المعلن (وإن تكن تداعياته ظاهرة للعيان في مجريات الأحداث) بين أنظمة الاستسلام والكيان الصهيوني على تصفية المقاومة كشرط  للمضي قدماً في المشروع الموهوم الهادف إلى إقامة شرق أوسط يكون جنة للسلام والازدهار والرفاه في ظل "التعاون" العربي-الإسرائيلي.

فقد تداولت وسائل الإعلام مؤخراً أخباراً عن لقاءات جرت بين زعماء عرب وإسرائيليين وتم فيها الاتفاق على قيام الإسرائيليين باجتياح غزة واستئصال فصائل المقاومة فيها. والأكثر إثارة للانتباه هو أن دولاً عربية تعهدت بأن تدفع للإسرائيليين كافة التكاليف المالية للاجتياح.
 
وفي ظل العجز الإسرائيلي عن تنفيذ الاجتياح بعد ثلاثة أسابيع من الحرب الشرسة، وبعد طرح امكانية التدخل العسكري الأميركي في الحرب على غزة، وفقاً لأخبار عن مصادر مؤكدة، يبدو أن الأفضلية معطاة اليوم لاحتلال غزة من قبل جيش عربي يتمتع بقدرة عددية ضخمة... ويفترض أن بإمكانه إنجاز المهمة التي عجز عن إنجازها الكيان الصهيوني، وأن يحول بذلك دون استثارة المشاعر العربية ضد هذا الكيان !

اجتماع كل هذه القوى ضد محور المقاومة وفشل الهجمة أمام غزة، التي ليست الأقوى بين أطراف هذا المحور، دليل صارخ على أن المحور الغربي-الإسرائيلي-العربي المستسلم هو في طريقه نحو الانهيار.  
2014-08-02