ارشيف من :آراء وتحليلات
ماذا وراء استقالة رئيس أركان الجيش التونسي؟
عاشت تونس على وقع استقالة رئيس أركان جيش البر الفريق أول محمد صالح الحامدي. ويعتبر رئيس أركان القوات البرية بمثابة قائد الجيش الذي تأتمر البحرية كما جيش الطيران بإمرته. وقد تم في البداية نفي هذه الاستقالة لكن سرعان ما تم تأكيدها وسط غموض حول الأسباب التي دفعت بالجنرال الحامدي، الذي خلف الفريق أول رشيد عمار الذي استقال بدوره منذ أشهر معدودة، إلى الإقدام على هذه الخطوة.
زيارة الجزائر
وفي غياب الإعلان عن الأسباب الحقيقية للاستقالة تعددت التأويلات بشأن حقيقة ما يحصل داخل المؤسسة العسكرية المكلومة، التي تعرضت مؤخرا لضربات موجعة من الجماعات الإرهابية. فقد ربط البعض بين ما أقدم عليه الجنرال الحامدي وبين الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة المهدي جمعة إلى الجزائر والتي رافقه فيها الجنرال المستقيل، والتقى خلالها جمعة نظيره الجزائري عبد المالك سلال في مدينة تبسة الحدودية.
فقد رشحت أنباء غير مؤكدة مفادها أن الجانب الجزائري عبر عن استيائه مما أسماه تآمرا من بعض الجهات في تونس على أمن الجزائر واستقرارها وهو ما نفى رئيس الحكومة التونسية علمه به. كما يشاع أن الجزائريين، الذين ينسق جيشهم عملياته في مقاومة الإرهاب مع نظيره التونسي، انتقدوا تمركز القوات التونسية في جبل الشعانبي، ملمحين إلى وجود اختراق ما، الأمر الذي تسبب في تلك الخسائر الفادحة التي طالت الجيش التونسي في العملية الإرهابية التي استشهد فيها 15 شخصا من عناصر الجيش الوطني.
الجيش التونسي
اتهامات
ومهما تعددت التأويلات فإن ما هو أكيد أن الجنرال الحامدي تحمل مسؤولية إخفاق المؤسسة العسكرية في محاربة الإرهاب، وهو سلوك غير مألوف لدى ساسة البلاد وكبار مسؤوليها ماضيا وحاضرا. إذ من النادر أن يقر مسؤول تونسي بفشله ويقدم على الاستقالة من منصبه فاسحا المجال لمن هو أقدر منه بدون ضغط شعبي يجبره على الاستقالة.
ويخشى الفرقاء في تونس من أن يستغل كل طرف هذه الاستقالة لتعيين رئيس أركان جديد موال للطرف المقابل. إذ يعتبر بعض أنصار حزبي حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية، اللذين يسيطران على رئاسة الجمهورية وغالبية مقاعد المجلس التأسيسي، أن أنصار "الثورة المضادة" أي الفريق المقابل (وخصوصا حركة نداء تونس) هم من يقف وراء إجبار الحامدي على الاستقالة وذلك للهيمنة على المؤسسة العسكرية. فيما يعتبر موالون لحركة نداء تونس وللجبهة الشعبية أن الترويكا الحاكمة السابقة هي التي تقف وراء هذه الإقالة لإعادة ترتيب الأمور داخل المؤسسة العسكرية بما يتماشى مع مصالحها خاصة مع الحديث الدائر عن عودة جماعة "براكة الساحل" إلى صفوف الجيش، وهم عسكريون طالتهم شبهة الانتماء إلى حركة النهضة نهاية الثمانينيات وتعرضوا للإقصاء والإهانة والتعذيب زمن بن علي.
الأوضاع في ليبيا
ولعل ما يزيد من حالة الإرباك التي تعيشها المؤسسة العسكرية التونسية هذه الأيام هو انفجار الأوضاع في ليبيا، وهو ما يقتضي يقظة تامة على الحدود بين البلدين خشية من تسلل إرهابيين فارين من جحيم المعارك في بلد عمر المختار. ففتح جبهة قتال جديدة تضاف إلى جبهة الشعانبي الساخنة قد تستنزف قدرات الجيش التونسي المنهك الذي عاش حالة طوارئ، أعلن عن رفعها، لكن يبدو أنها ما زالت مستمرة، ذلك أن لا شيء تغير في الميدان بالنسبة لهذا الجيش الذي كان من المفروض أن يعود إلى ثكناته للتدريب والتأهيل والتكوين حتى تكون جهوزيته تامة للذود عن تراب الوطن.
كما أنه وبقدوم جحافل النازحين من الليبيين والأجانب الفارين من المعارك، وجد الجيش التونسي نفسه مجددا أمام حتمية تأمين الخدمات الإنسانية للاجئين كما حصل إبان معارك القذافي و ثواره، حين أقيمت المخيمات وتكفل الجيش بتأمين الحاجيات الغذائية والصحية لهؤلاء مدعوما بجهود المنظمات الإغاثية والخيرية. لذلك فإن تطورات الأوضاع في ليبيا تثقل كاهل الجيش التونسي في وقت ما زالت فيه جبهة الشعانبي مفتوحة وتستنزف قواه.
الانتخابات
وفي خضم هذه الأحداث تقوم الهيئة المستقلة للانتخابات بالتمديد في آجال تسجيل الناخبين أسبوعا إضافيا تزامن مع عطلة عيد الفطر ما أثر سلبا على إقبال التونسيين على التسجيل للمشاركة في الانتخابات، ما اضطرها لتمديد هذه الآجال مجددا عشرين يوما تبدأ في الخامس من هذا الشهر وتنتهي في السادس والعشرين منه. فأعداد المسجلين ورغم التمديد ما زالت قليلة ولم تصل إلى الستة ملايين من أصل ما يزيد عن ثمانية ملايين يحق لهم الانتخاب في تونس.
ويشار إلى أن قرابة أربعة ملايين ناخب تم تسجيلهم في 23 أكتوبر2011 من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابقة التي ترأسها الحقوقي كمال الجندوبي. وستجرى الانتخابات البرلمانية في تونس يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام فيما ستجرى الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني. ويرى البعض أن الحل لتجاوز معضلة قلة التسجيل للمشاركة في الانتخابات يكمن في جعل الاقتراع مفتوحا حتى لغير المسجلين للإدلاء بأصواتهم عبر بطاقات هوياتهم يوم الانتخابات وذلك بعد التأكد أنه لا تشملهم حالات المنع والحرمان من التصويت التي حددها القانون الانتخابي.
زيارة الجزائر
وفي غياب الإعلان عن الأسباب الحقيقية للاستقالة تعددت التأويلات بشأن حقيقة ما يحصل داخل المؤسسة العسكرية المكلومة، التي تعرضت مؤخرا لضربات موجعة من الجماعات الإرهابية. فقد ربط البعض بين ما أقدم عليه الجنرال الحامدي وبين الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة المهدي جمعة إلى الجزائر والتي رافقه فيها الجنرال المستقيل، والتقى خلالها جمعة نظيره الجزائري عبد المالك سلال في مدينة تبسة الحدودية.
فقد رشحت أنباء غير مؤكدة مفادها أن الجانب الجزائري عبر عن استيائه مما أسماه تآمرا من بعض الجهات في تونس على أمن الجزائر واستقرارها وهو ما نفى رئيس الحكومة التونسية علمه به. كما يشاع أن الجزائريين، الذين ينسق جيشهم عملياته في مقاومة الإرهاب مع نظيره التونسي، انتقدوا تمركز القوات التونسية في جبل الشعانبي، ملمحين إلى وجود اختراق ما، الأمر الذي تسبب في تلك الخسائر الفادحة التي طالت الجيش التونسي في العملية الإرهابية التي استشهد فيها 15 شخصا من عناصر الجيش الوطني.
الجيش التونسي
اتهامات
ومهما تعددت التأويلات فإن ما هو أكيد أن الجنرال الحامدي تحمل مسؤولية إخفاق المؤسسة العسكرية في محاربة الإرهاب، وهو سلوك غير مألوف لدى ساسة البلاد وكبار مسؤوليها ماضيا وحاضرا. إذ من النادر أن يقر مسؤول تونسي بفشله ويقدم على الاستقالة من منصبه فاسحا المجال لمن هو أقدر منه بدون ضغط شعبي يجبره على الاستقالة.
ويخشى الفرقاء في تونس من أن يستغل كل طرف هذه الاستقالة لتعيين رئيس أركان جديد موال للطرف المقابل. إذ يعتبر بعض أنصار حزبي حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية، اللذين يسيطران على رئاسة الجمهورية وغالبية مقاعد المجلس التأسيسي، أن أنصار "الثورة المضادة" أي الفريق المقابل (وخصوصا حركة نداء تونس) هم من يقف وراء إجبار الحامدي على الاستقالة وذلك للهيمنة على المؤسسة العسكرية. فيما يعتبر موالون لحركة نداء تونس وللجبهة الشعبية أن الترويكا الحاكمة السابقة هي التي تقف وراء هذه الإقالة لإعادة ترتيب الأمور داخل المؤسسة العسكرية بما يتماشى مع مصالحها خاصة مع الحديث الدائر عن عودة جماعة "براكة الساحل" إلى صفوف الجيش، وهم عسكريون طالتهم شبهة الانتماء إلى حركة النهضة نهاية الثمانينيات وتعرضوا للإقصاء والإهانة والتعذيب زمن بن علي.
الأوضاع في ليبيا
ولعل ما يزيد من حالة الإرباك التي تعيشها المؤسسة العسكرية التونسية هذه الأيام هو انفجار الأوضاع في ليبيا، وهو ما يقتضي يقظة تامة على الحدود بين البلدين خشية من تسلل إرهابيين فارين من جحيم المعارك في بلد عمر المختار. ففتح جبهة قتال جديدة تضاف إلى جبهة الشعانبي الساخنة قد تستنزف قدرات الجيش التونسي المنهك الذي عاش حالة طوارئ، أعلن عن رفعها، لكن يبدو أنها ما زالت مستمرة، ذلك أن لا شيء تغير في الميدان بالنسبة لهذا الجيش الذي كان من المفروض أن يعود إلى ثكناته للتدريب والتأهيل والتكوين حتى تكون جهوزيته تامة للذود عن تراب الوطن.
كما أنه وبقدوم جحافل النازحين من الليبيين والأجانب الفارين من المعارك، وجد الجيش التونسي نفسه مجددا أمام حتمية تأمين الخدمات الإنسانية للاجئين كما حصل إبان معارك القذافي و ثواره، حين أقيمت المخيمات وتكفل الجيش بتأمين الحاجيات الغذائية والصحية لهؤلاء مدعوما بجهود المنظمات الإغاثية والخيرية. لذلك فإن تطورات الأوضاع في ليبيا تثقل كاهل الجيش التونسي في وقت ما زالت فيه جبهة الشعانبي مفتوحة وتستنزف قواه.
الانتخابات
وفي خضم هذه الأحداث تقوم الهيئة المستقلة للانتخابات بالتمديد في آجال تسجيل الناخبين أسبوعا إضافيا تزامن مع عطلة عيد الفطر ما أثر سلبا على إقبال التونسيين على التسجيل للمشاركة في الانتخابات، ما اضطرها لتمديد هذه الآجال مجددا عشرين يوما تبدأ في الخامس من هذا الشهر وتنتهي في السادس والعشرين منه. فأعداد المسجلين ورغم التمديد ما زالت قليلة ولم تصل إلى الستة ملايين من أصل ما يزيد عن ثمانية ملايين يحق لهم الانتخاب في تونس.
ويشار إلى أن قرابة أربعة ملايين ناخب تم تسجيلهم في 23 أكتوبر2011 من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابقة التي ترأسها الحقوقي كمال الجندوبي. وستجرى الانتخابات البرلمانية في تونس يوم 26 أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام فيما ستجرى الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني. ويرى البعض أن الحل لتجاوز معضلة قلة التسجيل للمشاركة في الانتخابات يكمن في جعل الاقتراع مفتوحا حتى لغير المسجلين للإدلاء بأصواتهم عبر بطاقات هوياتهم يوم الانتخابات وذلك بعد التأكد أنه لا تشملهم حالات المنع والحرمان من التصويت التي حددها القانون الانتخابي.