ارشيف من :آراء وتحليلات

’الدببة’ الطائرة الروسية تخيف العسكريين الأميركيين

’الدببة’ الطائرة الروسية تخيف العسكريين الأميركيين
في 9 شباط 2008، وانطلاقا من القاعدة الجوية "اوكراينكا" الواقعة في منطقة آمور في الشرق الاقصى الروسي، حلقت في الجو اربع قاذفات من طراز TU-95MS المسماة "الدب" في لوائح الناتو. وكانت مهمتها تتحدد في ما يسمى "التدمير المفترض" لمفخرة الاسطول الاميركي حاملة الطائرات النووية "نيميتس" (USS Nimitz). وقد تمكنت "الدببة" الحائزة التقدير، والتي هي في الخدمة منذ اكثر من نصف قرن، من تنفيذ المهمة، واضعة تحت الشك قدرة الهيمنة الحربية لاميركا. وقد تمكن الطيارون الروس ان يرعبوا حاملة الطائرات الاميركية.


وانه لذو دلالة رمزية ان هذه العملية قامت بتنفيذها طائرة تم انشاؤها في الخمسينيات البعيدة للقرن الماضي بوصفها قاذفة ـ حاملة صواريخ مهمتها الرد المباشر على العداونية المتنامية لاميركا. ان TU-95، ومنذ وقت مبكر، تعتبر اسطورة حية للقوات المسلحة الجوية السوفياتية والروسية، وهي تتولى الدفاع عن حدود روسيا منذ سنوات طويلة. ومن الطريف ان نذكر انه حتى سنة 2010 فإن هذا "المحارب القديم" استطاع تحقيق رقم قياسي عالمي في الطيران بدون توقف: الطيران المتواصل لمدة 43 ساعة، ولمسافة اكثر من 30 الف كلم، والعبور فوق 3 محيطات، والقيام بـ4 عمليات تزوّد بالوقود اثناء الطيران ـ هذه هي الارقام التفصيلية للرقم القياسي لـ TU-95.

حاملات الطائرات الاميركية: عمالقة ذات ارجل من خزف
كيف تسنى لـ"الدببة" ان تكتشف بسهولة العملاق البحري المخيف "نيميتس" وتدمره افتراضيا؟
بعد ان طارت من قاعدتها في منطقة آمور، حلقت "الدببة" على مسافة قريبة قليلا من الحدود اليابانية. بعد ذلك فإن اثنتين من طائرات TU-95، التي كشفت على رادار العملاق الاميركي، غيرتا قليلا خط سيرهما. وحينما وصلت القاذفات الروسية الى مسافة 800 كلم تقريبا بعيدا عن حاملة الطائرات، استيقظ العملاق، وارسل في إثرها 4 مطاردات من طراز F/A-18.

’الدببة’ الطائرة الروسية تخيف العسكريين الأميركيين
دب روسي حديث

وعلى الاثر قام طيارو TU-95 بمناورة ذكية على طريقة لعبة الشطرنج. ولهذه الغاية كان لا بد من تضحية. فقامت احدى الطائرتين اللتين انحرفتا عن خط السير الاولي بالتظاهر بأنها وقعت "تحت التنشين" وانها تستسلم، وقبل ان يستفيق الاميركيون من بهجتهم ويتذكروا الطائرة الثانية، كانت هذه قد اصبحت على علو 600 متر فقط فوق "النيميتس"، وقامت بمحاكاة او تمثيل هجوم على حاملة الطائرات. وبعد ان قامتTU-95MS بدورة في الهواء علامة الانتصار، قدمت تحية وداع لـ"الزملاء" الآتين من وراء المحيط: فقامت بالطيران فوق سواري حاملة الطائرات مرة اخرى ثم توارت. وبعد هذا العرض عادت القاذفات سالمة الى قاعدتها بينما وقف بحارة وجنرالات حاملة الطائرات النووية الاميركية بخجل على متنها.

في البداية حاول الجانب الاميركي ان يعتم على هذه الحادثة، مع ان الهجوم على النيميتس كان وهميا. ولكن بعد شهرين من ذلك في ربيع سنة 2008 حاول البنتاغون ان يتناول هذه الحادثة بطريقة "التنكيت"، فصرح الناطق الرسمي الاميركي شون ماكورماك انه اذا كانت طائراتTU-95MS لا تزال تطير فهذا امر جيد. ولكن بعد رد فعل الصحافة الاميركية اضطر للاعتراف بأنه من الضروري القيام بتحقيق داخلي. ذلك ان الرأي العام هو قلق لانه تأكد ان أمن البلاد هو مهدد بالخطر.

ان وزن حملة القنابل لـ TU-95MS يساوي 12 طنا. بالاضافة الى 16 صاروخا مجنحا من طراز Х-55М، وتحمل هذه الصواريخ عدة اطنان من القنابل من العيار الصغير، وهي محمولة في اسفل بطن الطائرة. وكل هذا الكوكتيل التفجيري يعني انه كان بالامكان اجراء حفلة مفرقعات ضخمة في المحيط الهادي، لو تم تصادم فعلي مع نيميتس. وهذا يعني ان حاملة الطائرات نيميتس، وعلى متنها طاقم مؤلف من عدة آلاف العسكريين والفنيين، و90 طائرة وهليكوبتر، وتكلفتها 8 مليارات دولار، وقفت عاجزة تحت رحمة قاذفتين من عهد الحرب الباردة.

ان حادثة الطيارين الروس مع النيميتس الاميركية تبرهن ان كل مستقبل حاملات الطائرات الاميركية هو غامض للغاية. فمن جهة، ان حضور هذا المطار المتحرك هو مفيد الى حد ما: فتركيز القوة في قطاع معين من ساحة الصدام العسكري المفترض يحقق عمليا الوضعية المثلى، ففي لحظة واحدة ترتفع في الجو مائة طائرة دفعة واحدة. ومن جهة ثانية تنطبق على حاملة الطائرات المقولة الشهيرة: يوجد هنا بيض كثير في سلة واحدة. فالضربات المحكمة للصواريخ المجنحة قادرة على ان ترسل الى القاع مليارات الدولارات (ناهيك عن عدد كبير جدا من خيرة القوات البحرية والجوية والفنيين). وهكذا بدا ان "نيميتس" وامثالها من حاملات الطائرات الجبارة هي عمالقة ذات ارجل من خزف.

القاذفات الاستراتيجية الروسية تكثف طلعاتها فوق القطب الشمالي
ان طواقم القاذفات حاملات الصواريخ الاستراتيجية البعيدة المدى، في قاعدتها الجوية في مقاطعة آمور في الشرق الاقصى الروسي، قد زادوا طلعاتهم المكثفة ثلاثة اضعاف هذه السنة فوق القطب المتجمد الشمالي. وتتوجه القاذفات الى هناك للمناوبة في حراسة الخطوط البحرية في المحيط المتجمد الشمالي. وكقاعدة، تحيط مسيرة هذه الطلعات ابعد المسافات، ويستمر الطيران ساعات طويلة. بالاضافة الى ذلك يقوم طواقم طائرات TU-95MS بأعمال الاستطلاع الجوي، كما ينفذون التزود بالوقود جوا. وفوق ذلك كله، فإن تحقيق هذه المهمات يساعد الطيارين على اكتساب تجربة الطيران بحاملة الصواريخ فوق اماكن غير مطروقة سابقا.

’الدببة’ الطائرة الروسية تخيف العسكريين الأميركيين
تزويد "الدب"  بالوقود خلال الطيران

وقد ادلى رئيس المكتب الصحفي للمنطقة العسكرية الشرقية العقيد الكسندر غوردييف بتصريح قال فيه ان قيادة الطيران البعيد المدى تقوم هذا العام باعارة اهتمام اكبر لتهيئة عناصر هبوط واقلاع الطائرات الاستراتيجية في مطارات القطب الشمالي.

طائرة استراتيجية روسية جديدة
ويجري الان استكمال بناء طائرة استراتيجية حاملة صواريخ روسية جديدة تسمى "منظومة الطيران المستقبلي للمسافات البعيدة" (PAK DA). وقد ادلى رئيس اركان القوات المسلحة الجوية لروسيا فيكتور بونداريوف بتصريح في مدينة فورونيج قال فيه ان الطائرة الاستراتيجية العتيدة ستوضع في الخدمة خلال سنة 2019. وان تكليفها بمهمات الدولة سيبدأ سنة 2021.
وقال رئيس الاركان ايضا انه في سنة 2016 ستبدأ في الخدمة في الجيش المطاردة الروسية من الجيل الخامس T-50 (PAK FA). وقد سُلمت طائرة من هذا النوع الى مركز اختبار الطيران من اجل اجراء تجارب الطيران عليها.

وقال الجنرال: ان احد طواقم مركز اختبار الطيران قد تدرب على الطائرة، وبدأ يطير بها. وسيبدأ طاقم ثان بالطيران على الطائرة بموجب برنامج اختباري. وفي سنة 2016 سيبدأ الجيش بالحصول على الاعداد الاولى من هذه الطائرات.
ويشرف على صناعة وتطوير (PAK FA) "مكتب الانشاءات توبوليف". وقد تمت المصادقة على تصميم هذه الطائرة في اذار 2013. ومن المعلوم ان هذه ستكون طائرة حاملة صواريخ تطير بسرعة الصوت، قادرة على استخدام كل انواع الاسلحة الحالية والمستقبلية، وفي الوقت ذاته تشغل حيز ملحوظية ضئيلا. وهي مجهزة بوسائل الاتصال الحديثة والوسائل الخاصة بالحرب الالكترونية، ومنظومة خاصة بالرؤية والطيران. وهي ستحل مستقبلا محل حاملات الصواريخ الاستراتيجية TU-95 وTU-160.

الطيران الحربي الروسي يكثف طلعاته فوق المحيط الهادي
ان طيران الطائرات الحربية الروسية فوق المحيط الهادي لا علاقة له بالاحداث في اوكرانيا. هذا ما اعلنته مؤخرا وزارة الدفاع الروسية، ردا على اعراب العسكريين الاميركيين عن قلقهم حيال تلك الطلعات. واستند اعلان وزارة الدفاع الروسية الى الخريطة متسائلا: اين هو المحيط الهادي واين هي اوكرانيا. وكان قائد القوات الجوية الاميركية في منطقة المحيط الهادي الجنرال هربرت كارلايل قد اشار الى تكثيف طلعات الطيران الروسي البعيد المدى فوق المحيط الهادي، رابطا ذلك بالاحداث في اوكرانيا. وقال الجنرال "ان افعال روسيا في اوكرانيا والقرم تؤثر على ما يجري في منطقة اسيا والمحيط الهادي. وقد لاحظنا زيادة نشاط الطيران البعيد المدى في هذه المناطق. وقد وصل طيرانهم البعيد المدى الى شواطئ كاليفورنيا وحلق فوق جزيرة غوام" حيث توجد قواعد عسكرية اميركية ضخمة. وقد حلقت طائرات F-15 لاعتراض "الدب" الروسي حين عبوره فوق جزيرة غوام. وقد جرى هذا الحادث يوم الاثنين الماضي. ولم تعلق وزارة الدفاع الروسية على هذه الانباء.

كما قال الجنرال كارلايل ان الطيران الروسي كثف كثيرا نشاطه فوق الجزر اليابانية وكوريا.
ويذكر انه كانت طائرتان روسيتان من طراز TU-95MS قد حلقتا فوق المياه الدولية في بحر الشمال، ما اثار قلق جنرالات حلف الناتو. فحلقت في البدء طائرتان بريطانيتان لمواكبة القاذفتين الروسيتين، ثم انضمت اليهما مطاردتان هولانديتان من طراز F-16.

تحدي الناتو في البحر الاسود
وفي شهر نيسان الماضي كانت طائرة SU-24 روسية قد قامت بمناورة هجومية قبالة المدمرة الاميركية "دونالد كوك" في البحر الاسود، واقتربت الطائرة من المدمرة الى مسافة كلم واحد على ارتفاع 150 مترا فوق سطح البحر.

ورد ممثل وزارة الدفاع الروسية على تصريحات الجنرال كارلايل بالقول ان ربط طيران القوات الجوية الروسية فوق المحيط الهادي بالاحداث في اوكرانيا يعني انهم لا يعرفون الخريطة. ولفت النظر الى ان هذه المناطق توجد في طرفين مختلفين من الكرة الارضية. واضاف انه لمن المستهجن ان يعتبر البعض ان طيران القوات الجوية الروسية فوق المياه الدولية في المحيط الهادي هو "تحد" للولايات المتحدة الاميركية. واكثر من ذلك فإن الولايات المتحدة الاميركية هي عمليا تجاور روسيا عبر مضيق بيرينغ، ولكن طائراتنا تطير في الاتجاه المعاكس تماما. "وبالاضافة الى ذلك فإن كثافة طيران طائرات التجسس الاميركية بالقرب من الحدود الروسية لم تنخفض منذ نهاية "الحرب الباردة". وان طيارينا يعملون في تطابق تام مع القانون الدولي، ولا يخترقون الحدود الجوية ولا يقومون بتهديد اي طرف كان".

2014-08-05