ارشيف من :آراء وتحليلات

المسيح ’استشهادي’؟!

المسيح ’استشهادي’؟!
"إن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمرٍ كثير"، يقول السيد المسيح.

قد تختصر هذه الآية نهج ابن مريم، الذي قال أيضاً: "من يحب نفسه يهلكها، ومن يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها إلى حياة أبدية".

وقد تردّ الآيتان على بعض الذين قرّروا أن "يصعّروا خدّهم الأيمن" لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، كما تجيب على بعض الذين قرّروا "الصلاة" على نية هؤلاء أو حتى على الداعين إلى حوار معهم على خلفية "إنسانيتهم" .

وإذا كان القتال والشهادة في سبيل الوطن والأرض في نهج بعض المسيحيين يتعارض مع "إيمانهم المسيحي" فإن السيد المسيح هو أول استشهادي في التاريخ. هو الذي فدى الإنسان بدمه.. وهو الذي قال على خشبة الصليب: "ما من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبائه".

المسيح ’استشهادي’؟!
السيد المسيح هو أول استشهادي في التاريخ

هو الذي قال في إنجيل لوقا الرسول "ومن لم يكن عنده سيف فليبع رداءه ويشتره".. وهو من نقل عنه متى الرسول قوله: "أغمد سيفك، فكل من يأخذ بالسيف بالسيف يهلك".

ولأن من طرد الباعة من الهيكل لن يرضى أن يدخله تجار الدم والموت، ولن يسكت عن تدنيس أماكن العبادة.. لأن من رحَم مريم المجدلية من الرجم وقال لمن أرادوا قتلها "من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر"، لن يرضى أن ترجم النساء في الرقة. ولأن من قال: "دعوا الأطفال يأتون إلي فإن لهؤلاء ملكوت الله"، ستؤلمه جروحهم ودموعهم.

"النور معكم زماناً قليلاً بعد، فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام. والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب"، (إنجيل يوحنا)، ولعلّها فرصة أبناء النور ليقهروا الظلمة والظالم. فـ "نحن السالكين في بقعة الموت وظلاله يشرق علينا نور.. لأن الله معنا فاعلموا أيها الأمم وانهزموا".
2014-08-18